recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

الضمان الاجتماعي نافذة الأمل والألم

الضمان الاجتماعي نافذة الأمل والألم - ديمة طهبوب


 ديمة طهبوب - نائبة في مجلس النواب الأردني
17/12/2025

بعد أقل من شهر على ادائنا للقسم في بداية هذا المجلس قدمت سؤالا نيابيا من ١٣ فرعا في ١١-١٢-٢٠٢٤ عن الضمان الاجتماعي والدراسة الاكتوارية ومستقبله واستثماراته ورواتب التقاعد والاستدامة المالية وديون الضمان على الحكومة، ونالني استخفاف كبير ووصلني امتعاض وعداوة من السؤال، ولكني مضيت مع أن الجواب خفيف الوزن والقيمة فيما يقدمه من معلومات وما يفصح عنه

لماذا الضمان؟


عندما نذكر الضمان الاجتماعي تشرأب العيون بالامل لمؤسسة تمثل تطلعات الاردنيين الى الامان والى مستقبل افضل بل وينظر الى الضمان الاجتماعي كشجرة يأكل من ثمارها ويستظل بظلها الاردنييون واولادهم
ببساطة هو بيت مال الأردنيين الذي يتطلعون اليه لحياة كريمة بعد تقاعدهم ويحتملون الاقتطاعات لانها بالنهاية ستعود عليهم، وحتى أنا كنائب ادفع اشتراكا اختياريا لكيلا تضيع سنوات خدمتي الطويلة في الجامعه، وأجد دخلا عند انتهاء مرحلة النيابة اذا لم أعد لعملي الأكاديمي، لذا فالضمان يعنينا جميعا ويؤثر علينا جميعا

ما هي الدراسة الاكتواريه وما أهميتها؟


في مؤسسة كالضمان الاجتماعي لا يمكن أن نقرأ اي مستقبل بدون دراسة اكتوارية وهي دراسة إحصائية ومالية تُجرى لأجل تقييم الوضع المالي والمخاطر المحتملة لدى انظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وذلك بغرض الوقوف على مدى مقدرة هذه الأنظمة على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه عملائها والمشتركين لديها، من عدمه. وتتم هذه الدراسات وفقا لمتطلبات تشريعية؛ بهدف قياس الملاءة المالية وفقًا لما حدده القانون، وكذلك فإن الدراسات الإكتوارية تجرى أيضا عند رغبة الحكومات في إدخال تعديلات على نظام تقاعدي قائم.
من غير دراسة اكتوارية للوضع المالي لمؤسسة الضمان فالمستقبل في خطر فالدراسات الاكتوارية للضمان الاجتماعي التي تبين وضع المؤسسة بالتفصيل الدقيق والعلمي هي الاساس في حكمنا على الوضع المالي

ما الذي يظهره رد الحكومة على اسئلتي مقارنة بالدراسة التي نُشرت مؤخرا؟


جاء جواب الحكومة بلغة تطمينية عامة ركزت على التأكيد على ديمومة النظام التأميني، مع إرجاء الإجابة عن الأسئلة الجوهرية إلى حين نشر نتائج الدراسة الاكتوارية. هذا النهج لا ينسجم مع متطلبات الرقابة البرلمانية، لأن الجواب يجعلني كنائب أبني موقفي على وعود مستقبلية لا على بيانات مكتملة، في ملف يمس الأمن الاجتماعي والمالي للأردنيين.
وعند مقارنة الجواب الحكومي بما كشفت عنه الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة بعد نشرها، يتبين وجود تباين واضح في توصيف المخاطر. فالجواب قدّم صورة مستقرة ومطمئنة عن أوضاع الضمان، في حين أظهرت الدراسة أن الاستدامة المالية مشروطة بإجراءات إضافية، وأن التحديات الزمنية أقرب مما يوحي به الخطاب الرسمي.
كما أشار الجواب إلى أن التعديلات المتعلقة بالتقاعد المبكر قد حدّت من أثره السلبي، بينما أكدت الدراسة أن الأثر التراكمي للتقاعد المبكر ما يزال من أبرز عوامل الضغط على النفقات التقاعدية.
كذلك أغفل الجواب الحكومي الإشارة بوضوح إلى اختلال المعادلة الديموغرافية بين أعداد المؤمن عليهم النشطين وأعداد المتقاعدين، وهو عنصر جوهري في أي تقييم اكتواري، ولا يمكن تجاوزه عند الحديث عن ديمومة النظام. كما لم يقدم الجواب إطارًا زمنيًا واضحًا للوصول إلى نقطة التعادل بين الإيرادات والنفقات، في حين أبرزت الدراسة الاكتوارية أهمية هذا المؤشر وضرورة التعامل معه بجدية وشفافية.

إن إحالة معظم الأسئلة الجوهرية إلى نتائج دراسة لم تكن منشورة وقت الإجابة حرمتني من حقي كنائب في الاطلاع ونقاش مستند إلى معلومات كاملة، وأضعفت من قيمة الجواب الرقابية. فالشفافية لا تتحقق بإعلان وجود دراسات، بل بتمكين السلطة التشريعية من الاطلاع على خلاصاتها الأساسية، خصوصًا تلك المتعلقة بالمخاطر المستقبلية.
يمكن توصيف مصداقية الجواب على النحو التالي:
صحيح شكليًا: لم يتضمن معلومات خاطئة صريحة.
منقوص جوهريًا: أغفل الأرقام الحرجة والمؤشرات الزمنية.
انتقائي: عرض الإيجابيات وأجّل عرض المخاطر.
سياسي أكثر من كونه فنيًا: يخاطب الرأي العام بلغة طمأنة لا بلغة إدارة مخاطر.
ولذا فجواب الحكومة لا يرقى لمتطلبات الرقابة البرلمانية الفعالة.

بناءً على ما تقدم، فإنني أطالب الحكومة بتقديم تقرير تكميلي يوضح بشكل مباشر أثر نتائج الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة على ديمومة نظام الضمان الاجتماعي، وتحديد إطار زمني واضح لنقطة التعادل بين الإيرادات والنفقات، وبيان المخاطر المحتملة في حال عدم اتخاذ إجراءات إضافية. كما أطالب بمناقشة نتائج الدراسة الاكتوارية تحت قبة البرلمان باعتبارها وثيقة سيادية تمس الأمن الاجتماعي للمواطنين، وبالالتزام مستقبلًا بعدم تأجيل الإجابات الجوهرية المتعلقة بالاستدامة المالية بحجة دراسات قيد الإعداد
ملاحظات وتعليق على مقابلة وزير العمل المتلفزة بصفته رئيس مجلس إدارة الضمان:
1. الاستراتيجية الإعلامية: "امتصاص الصدمة" (Shock Absorption)
معالي الوزير لم ينفِ الأرقام ،لأنها خرجت رسميا، لكنه استخدم تكتيك "إعادة التغليف" (Reframing).
ما قاله: "الوضع آمن ومستقر، ونقطة التعادل 2030 هي مؤشر يدعونا للعمل وليست كارثة".
التحليل المهني: هذا تناقض علمي. في لغة التأمينات، عندما تكون نقطة تعادل الاشتراكات بعد 5 سنوات فقط، فهذا يُصنف (Critical) وليس (Safe). وهذا أسلوب لشراء الوقت و تمرير التعديلات القادمة.
2. شماعة "التقاعد المبكر" (The Scapegoat)
ركز الوزير بشكل مكثف على أن 64% من المتقاعدين هم تقاعد مبكر، وأنهم يستنزفون الصندوق.
التحليل المهني: هذه "نصف الحقيقة". نعم، التقاعد المبكر مكلف، لكن الوزير أغفل ذكر من الذي دفع هؤلاء للتقاعد المبكر؟".
الحكومة نفسها مارست "التقاعد المبكر القسري" لموظفي القطاع العام لسنوات لترشيق الجهاز الحكومي، فكيف تشكون مما صنعتم؟
3. الصمت المطبق عن "الاستثمار" (The Elephant in the Room)
لم يتطرق الوزير بشفافية أو تفصيل لأرقام العائد الاستثماري. تحدث عن تحديات اقتصادية عامة.
التحليل المهني: هذا هو مصدر ضعف الرواية الحكومية. لو كان العائد الاستثماري الطبيعي 6-7% لما كانت مشكلة التقاعد المبكر بهذه الخطورة. الوزير يتجنب الحديث عن الاستثمار لأنه منطقة الفشل الإداري، ويفضل الحديث عن التقاعد المبكر لأنه مشكلة مجتمعية يسهل لوم المواطن عليها.
المقابلة كانت عملية علاقات عامة (PR Operation) ناجحة شكلياً لتهدئة المخاوف، لكنها فارغة من الحلول الرقمية وكذلك مهد الوزير الأرضية لحوار وطني نتيجته محسومة مسبقا: رفع سن التقاعد + إلغاء المبكر + وربما رفع الاشتراكات.
لن أناقش في النوايا أو التطمينات وإنما في العائد المفقود، فمشكلتنا ليست في الموظف الذي تقاعد مبكراً هرباً من البطالة، مشكلتنا في المليارات التي تدار بعائد 2.5% ونحن نتفرج.
تقرير الضمان والدراسة الاكتواريه تستحق جلسة رقابية خاصة للوقوف على كل الحقائق والحلول

Post a Comment

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020