recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

أموال الضمان .. يهدرونها بالقرارات ويتوعدوننا بتعديل التشريعات



حاتم قطيش - رنان

17/12/2025

 بالرغم من التحذيرات العديدة التي أطلقها العديد من الخبراء على مدار عدة سنوات بضرورة توقف الحكومة عن سياسة التقاعد المبكر القسري لموظفي القطاع العام بحجة "ترشيق القطاع العام"؛ الا ان الحكومة استمرت - ولا زالت - ماضية في تطبيق القرار بالرغم من اعترافها العلني أنه قرار ظالم؛ خاصة بعدما كشفت الدراسة الاكتوارية أن هذا "الترشيق" المزعوم ما هو الا رشقات نخرت قاعدة الأمان في الضمان الاجتماعي فأهدرت الأموال وأضعفت الحمايات الاجتماعية للعمال وقربت نقطة التعادل الأولى من 2035 في آخر دراسة اكتوارية نشرت الى 2030 لتعلن بالأرقام أن السياسات المتبعة خلال السنوات الماضية لم تكن تصب في استدامة الضمان ولا تعزيز الحماية الاجتماعية.


زيادة الموارد أولى من تقليل الانفاق على الحمايات 


كشأن أي صندوق مالي؛ صندوق أموال الضمان له واردات تتمثل باشتراكات العمال وأصحاب العمل وعوائد الاستثمار بشكل أساسي، وله أيضاً نفقات وهي تتركز-يفترض ذلك-  على الغاية الأساسية التي أنشأت من أجلها مؤسسة الضمان الاجتماعي وهي الحمايات الاجتماعية ناهيك عن المصاريف الادارية والرواتب .. الخ.

عند الحديث عن اصلاح الضمان الاجتماعي وتداول عبارة " خفض النفقات " يكون صدى هذه العبارة الشعبوي ايجابي حيث يشعر المواطن أن هناك توجهاً لوقف الهدر أو ما شابه  ولكن في مؤسسة الضمان الاجتماعي بالتحديد وعندما يطلق عبارة "خفض النفقات" لا يتم الحديث عن تخفيض المصاريف الادارية او المكافآت أو بدل الاجتماعات والامتيازات .. لا على الاطلاق، انما يتم الحديث عن خفض النفقات في بند الحمايات الاجتماعية من خلال الغاء بعض الحمايات والتأمينات أو تضييقها أو التمييز بين المشتركين في الانتفاع بها.

 من غير الصحيح التعامل مع أموال الضمان من زاوية مالية بحتة بعيداً عن الأبعاد الاجتماعية، فعندما يراد تعزيز الاستدامة يجب التفكير أولا بزيادة واردات الصندوق خاصة أن هناك تقصيراً واضحاً في اطلاق برامج توسيع الشمول ومكافحة التهرب التأميني مما يحرم المؤسسة من أموال لو كانت متوفرة لعززت الاستدامة ولأبعدت نقطة التعادل ولتم التفكير بتعزيز الحمايات الاجتماعية للعمال لا الانتقاص منها.

وفي ظل كل هذه المعمعة القائمة نجد الحديث عن صندوق استثمار أموال الضمان يشوبه الخجل والصوت المنخفض، في حين يعتبر هذا الصندوق - ان حسنت ادارته - عاملاً أساسياً في تعزيز الاستدامة وابعاد نقاط التعادل.


لا يجوز اغفال الجانب الرقابي والحسابي


الملفت في كل الحوارات الساخنة التي تعبق الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي غياب الحديث عن ضرورة محاسبة ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي على امتناعها لسنوات عديدة عن اصدار الدراسة الاكتوارية بموجب أحكام المادة "18" من قانون الضمان الاجتماعي، ثم لا أحد يتحدث عن تقصير مؤسسة الضمان من اطلاق برامج حقيقية توسع من مظلة الشمول لزيادة الموارد واقتصارها على اتخاذ قرارات تقلل من النفقات بتقليل الحمايات الاجتماعية، ولا أحد يضع مشروع " الترشيق الحكومي" الذي أحال آلاف الموظفين الى التقاعد المبكر القسري وضاعف فاتورة التقاعد المبكر في المؤسسة وبالتالي استنزف أموال الضمان؛ أقول لا أحد يتحدث عن ضرورة وضع هذا المشروع على  طاولة الرقابة والمحاسبة كونه يعتبر أهم عوامل اهدار أموال الضمان ورفع فاتورة النفقات و تقريب نقطة التعادل، والأهم من ذلك ايقاع الظلم على آلاف العاملين بقرارات تعسفية من أجل تخفيف بند الرواتب في الموازنة العامة تنفيذاً لتوصيات البنك الدولي.


اطلاق الحوار .. لترويج التعديلات وتخفيض الانتقادات


اعلان نتائج الدراسة الاكتوارية تضمن العديد من الرسائل الى جميع الجهات بأن القادم ليس جميلاً، حيث تم تسليط الضوء على المصروفات وضرورة ضبطها خاصة من ناحية فاتورة التقاعد المبكر، ومع أن خفض الهدر في هذا البند يتطلب عدة خطوات أهمها توقف الحكومة مباشرة عن الاحالات القسرية على التقاعد المبكر ثم تكثيف العمل والبرامج التي تزيد من واردات الصندوق ليتمكن من الوفاء بالتزاماته ثم معالجة أية اختلالات تشريعية ساهمت في ارتفاع أعداد المقبلين على التقاعد المبكر ..  أما تسليط الضوء على الاختلالات التشريعية فقط يوحي الى تهيئة الرأي العام أن هناك تعديلات سلبية تتعلق بالتقاعد المبكر قادمة في مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي الذي سيتم انتاجه قريباً.

ثم التلميح الى نية المؤسسة عدم اقتراح أية تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي الا من خلال جلسات حوارية تضم كافة الجهات والشخصيات والخبراء، ليوحي أيضاً أن هذه الجلسات الحوارية قد تستخدم كوسيلة لتوسيع دائرة المسؤولية عن التعديلات القاسية الجديدة ليضيع النقد " بين القبائل " فيخف الضغط على الحكومة بل وتظهر بمظهر المستجيب لتوصيات الخبراء ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات؛ الذين آثر العديد منهم الصمت أو الحديث على استحياء ابتغاء حجز مقاعدهم في جلسات الحوار المزعومة.

السيناريو المعهود كالتالي .. سيتم تضمين هذه التعديلات فقرة أو أكثر ذات بعد شعبوي ويتم التركيز عليها للترويج لهذه التعديلات ثم ستتقلص أو تسقط خلال الرحلة الدستورية لاقرار مشروع القانون، اليوم يتم التركيز على رفع الرواتب التقاعدية المتدنية خاصة لمن تقل رواتبهم عن 300 دينار، ما يعني أن الأمر سيحظى باعجاب 43% من متقاعدي الضمان الاجتماعي وسيكون له الأثر الكبير في الترويج للتعديلات القادمة؛ ليتفاجأ الجميع أن هذا المطلب الذي تم الترويج له تمت اعادة انتاجه بصيغة مختلفة أو حتى تم تجاهله واسقاطه.




Post a Comment

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020