-->
recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

أسئلة العرموطي للحكومة عن التقاعد المبكر، مسودة خارطة طريق ونواة حوار اجتماعي

أسئلة العرموطي للحكومة عن التقاعد المبكر، مسودة خارطة طريق ونواة حوار اجتماعي


حاتم قطيش - "رنان"
4/10/2023

تصلح الأسئلة التي وجهها النائب صالح العرموطي للحكومة حول التقاعد المبكر أن تكون مسودة خارطة طريق لتحصين الحماية الاجتماعية للعاملين، ويمكن اعتبارها نواة لانطلاق حوار وطني عميق لمأسسة الحماية الاجتماعية وتعيد برمجة دور الحكومة في تعزيزالحماية الاجتماعية وتوسيع مظلتها واستدامتها لا تقويضها بقرارات من شأنها خرق هذه المظلة وتقزيمها وارباك الدراسات الاكتوارية التي تقوم بها مؤسسة الضمان الاجتماعي لضمان الاستدامة وابعاد نقطة التعادل قدر الإمكان.

التقاعد المبكر حق للموظف وليس للحكومة


خصص العرموطي نصف أسئلته تقريباً للتأكيد على نقطة مهمة تتعلق بالحرية والحق في الاختيار واحترام القوانين المعمول بها، فجاءت أسئلته الثلاث الأولى تنص على :

"1. لماذا تصر الحكومة على الإستمرار في قراراتها بإحالة الموظفين على التقاعد المبكر دون رغبة منهم ؟

2. هل تعلم الحكومة بأن التقاعد المبكر هو حق للمؤمن عليه وحده وهو قرار يتخذه المؤمن عليه بمحض إرادته ولا أحد يمكنه أن يلزمه به وفقاً لقانون الضمان الاجتماعي؟

3. لماذا تقوم الحكومة بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها المستكملين لشروط التقاعد المبكر أي قبل أن يبلغوا السن القانونية لما يسمى بتقاعد الشيخوخة وكثيرا ما يكون ذلك قبل اكمال سن الستين للذكور والخمسة والخمسين للإناث وكأنها تلزمهم بصورة غير مباشرة لا بل تدفعهم مرغمين إلى التقاعد المبكر وهو ما يتنافى مع نص قانون الضمان الاجتماعي ؟"

 لقد اختار العرموطي أن يستهل أسئلته للحكومة عن التقاعد المبكر بالتأشير الواضح على أن التقاعد المبكر هو حق للعامل ويجب أن يتخذه بحرية مطلقة دون ممارسة أي ضغوطات عليه أو وضعه في موقف يجعله مجبراً على اتخاذ قرار التقاعد المبكر لتأمين لقمة عيش لعائلته، بل ان قرار الحكومة انهاء خدمات موظفيها لا يأتي فقط بشكل غير حر بل انه يأتي ضد رغبتهم وبشكل مفاجئ يعمل على ارباك خططتهم والتزاماتهم المالية العائلية والمعيشية، كما أشار العرموطي الى أن قرار التقاعد المبكر يجب أن يأتي وفقاً لقانون الضمان الاجتماعي الذي ينص على أن العامل يجب أن يتقدم بطلب لمؤسسة الضمان من أجل الحصول على التقاعد المبكر؛ وعليه يبدو أن استخدام مصطلح "الاحالة الى التقاعد المبكر" هو استخدام غير صحيح ولا تملكه الحكومة بل ان ما تقوم به الحكومة هو عبارة عن قرارات انهاء خدمات، حيث يمكن لأي موظف يتم انهاء خدماته - من ناحية المبدأ- أن يحصل على عمل آخر ويكمل مسيرته العملية أو أن يستمر في اشتراكه بالضمان الاجتماعي عن طريق الاشتراك الاختياري، لذلك وجب وضع الأمور في نصابها وتسمية الأمور بمسمياتها.


التقاعد المبكر يفرز فقراء وغارمين ويوسع القطاع غير المنظم


سلط العرموطي من خلال سؤاله الرابع والذي ينص على :" 4. الا تعلم الحكومة أن مثل هذه القرارت تلحق الضرر الكبير بموظفيها لأنهم سيتقاضون رواتب تقاعدية مبكرة منخفضة رغماً عنهم ، مما يلحق الضرر المادي والمعنوي بهم وبأسرهم بسبب قرارات الحكومة ؟" .. 
أقول سلط الضوء على قضية غاية في الأهمية تتعلق بتخفيض الأجور لمن وقع ضحية انهاء الخدمات، فجل هؤلاء هم في العقد الرابع والخامس من العمر وان قرار انهاء خدماتهم المفاجئ فيه من السلبيات الكثير أذكر منها:

 - ان رواتب هؤلاء الضحايا قد بدأت فعلياً بالتحسن بعد سنوات طويلة من العمل وبالتالي فإن قرار انهاء خدماتهم المفاجئ من شأنه أن يقلل من فرصهم في تحسين رواتبهم التقاعدية لتأمين حياة تقاعدية كريمة، وسيجدون أنفسهم مضطرين لأن يتقاضوا رواتب تقاعد مبكر منخفضة.
- معظم ضحايا انهاء الخدمات قد التزموا بخطط مالية وقروض طويلة الأمد لتأمين دراسة أبناءهم وبناتهم أو شراء منزل لعائلاتهم أو تزويج أحد أبناءهم أو حتى لعلاج أحد ذويهم، وان قرار انهاء الخدمات المفاجئ من شأنه أن يربك خططهم المالية وقد يحولهم من مقترضين ملتزمين الى غارمين عاجزين عن الوفاء بهذه الالتزامات.
- اذا ما قرر أحد هؤلاء أن يستمر في سوق العمل ولا يلجأ الى التقاعد المبكر فسيجد صعوبة بالغة في تأمين فرصة عمل تتناسب مع خبراته الطويلة وراتبه العالي - نسبياً- بالاضافة الى عزوف أصحاب العمل عن تشغيلهم بسبب أعمارهم، فإن هو قبل بأجر أقل مما كان يتقاضى فسينعكس هذا على راتبه التقاعدي، لذلك سيجد معظمهم أنفسهم مضطرين الى التقاعد المبكروالعمل ضمن القطاع غير المنظم بشكل مخالف لقانون الضمان الاجتماعي وخارج مظلة الحمايات الاجتماعية وخاصة فقدانهم للتأمين الصحي.


التقاعد المبكر يقوض استدامة مؤسسة الضمان الاجتماعي


نقطة في غاية الأهمية لم يغفلها العرموطي في حزمة أسئلته للحكومة وتتعلق بالمركز المالي لمؤسسة الضمان والحفاظ على استدامة المؤسسة حيث نصت الأسئلة الخامس والسادس والسابع على :
"5. هل تعلم الحكومة أن من شأن هذه القرارت إلحاق الضرر الكبير أيضاً بالمركز المالي للضمان الإجتماعي كون التقاعد المبكر يؤثر سلباً على ديمومة النظام التأميني ومركز مؤسسة الضمان المالي ؟ 
 6. هل هنالك نية لإعادة النظر في هذه السياسات وهل قامت المؤسسة الضمان الاجتماعية بإعداد دراسة اكتوارية حول هذا الموضوع؟
7. كم عدد موظفي القطاع العام الذين قامت الحكومة بإحالتهم الى التقاعد المبكر دون طلب منهم خلال المدة من 1/1/ 2017 حتى تاريخه مبيناً العدد لكل وزارة او هيئة أو جهة حكومية على حدا وما حجم رواتبم التي باتت تتحملها مؤسسة الضمان الاجتماعي؟"

يجب الانطلاق من قاعدة أن تقاعد الشيخوخة هو الأصل وأن التقاعد المبكر هو الاستثناء وعلى ذلك قامت فكرة استدامة الحمايات الاجتماعية في مؤسسة الضمان الاجتماعي من خلال زيادة مدخلات الصندوق عن طريق توسيع مظلة المشتركين وتقليل النفقات من خلال تقنين التقاعد المبكر وتشجيع البقاء في سوق العمل حتى تقاعد الشيخوخة، وان أية اجراءات أو قرارات من شأنها التأثير على هذه المعادلة من شأنه سحب وتقريب نقطة التعادل وبالتالي التأثير على استدامة الضمان؛ الأمر الذي يستوجب التقليل من النفقات للحفاظ على الاستدامة ، والتقليل من النفقات بالضرورة يعني تضييق دائرة الحمايات الاجتماعية نوعاً وكماً.
ان التوسع غير المبرر في التقاعد المبكر والنهج الحكومي الجديد المتمثل بانهاء خدمات كل من يستوفي شروط التقاعد المبكر قلب المعادلة وأصبح التقاعد المبكر بالنسبة للموظف العام هو الأصل وبقاؤه حتى يصل الى تقاعد الشيخوخة هو الاستثناء!!!

ان زيادة أعداد المتقاعدين تقاعداً مبكراً في السنوات الأخيرة ومعظمهم موظفين حكومة تم انهاء خدماتهم، أقول ان هذه الزيادة ليس من شأنها فقط زيادة فاتورة الرواتب التقاعدية في مؤسسة الضمان فحسب؛ بل من شأنها أيضاً ارباك الدراسات الاكتوارية التي تم اعدادها خاصة في ظل عدم تخمين الأعداد والتوقيت لقرارات انهاء الخدمات التي تتخذها الحكومة.

ان أسئلة العرموطي الوجيهة قد أشّرت بوضوح الى مخاطر قرارات الحكومة المستمرة بانهاء خدمات العشرات من موظفي الحكومة وهي تصلح لأن تكون نواة لخارطة طريق لترسيخ حماية اجتماعية مستدامة وتحسين المركز المالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي و تطوير القوانين والأنظمة الناظمة التي من شأنها توسيع مظلة الحمايات الاجتماعية وتجويدها، ولا بد أن تتلقفها مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بهذا الموضوع وكل الشرفاء من النقابيين العماليين لتشكيل درعاً اجتماعياً يحمي مؤسسة الضمان الاجتماعي التي تمثل المظلة الرئيسية للحماية الاجتماعية في الأردن.


إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020