recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

هل تم ترويض المنظمات الدولية للتآمر على العمال بدلاً من تمكينهم

هل تم ترويض المنظمات الدولية للتآمر على العمال بدلاً من تمكينهم


الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان"-  حاتم قطيش

9/7/2021

 بداية لا بد من الاشارة والاشادة بالدور الكبير الذي تلعبه بعض المنظمات الدولية وبرامجها الهادفة الى تمكين العمال خاصة فيما يتعلق بالتدريب والتثقيف النقابي والحقوقي وما لهذه البرامج من انعكاس ايجابي على أداء العمال والقادة النقابيين المدافعين عن الحقوق العمالية، ولعل ما يضفي نوعاً من النبل على جهود هذه المنظمات هو ارتكازها على اتفاقيات العمل الدولية والحقوق المدنية والاقتصادية لاشاعة ظروف العمل اللائق ومكافحة العمل الجبري والتمييز في الأجور وحرية التنظيم النقابي.. الخ من المعاني السامية التي نطمح اليها جميعاً.

الحديث في هذه المقالة لا يناقش الأهداف العليا والمثل السامية التي ترفعها هذه المنظمات في خضم سعيها لتمكين العمال، ولكن الحديث عن الممارسات العملية ونتائج آلاف البرامج التي تم تنفيذها لتحقيق هذه الأهداف السامية وهل مؤشر الأداء للواقع العمالي في الأردن فيما يتعلق بحرية التنظيم النقابي وتمكين العمال يتجه نحو الصعود - ولو صعوداً طفيفاً- أم  يراوح مكانه أم أنه يهبط ويتهاوى؟!

لا بد أن تقوم هذه المنظمات من مراجعات مستمرة لتقييم مدى نجاعة برامجها وانعكاسها على واقع العمل النقابي في الأردن، ولا أقصد هنا التقارير والتقاييم التي تتحدث عن عدد النشاطات التي تم تنفيذها وعدد المشاركين ومدى رضى المشاركين عن اداء المدرب أو الاقامة في الفندق أو الضيافة والعدالة الجندرية؛ بل أقصد مدى انعكاس هذه البرامج المتعددة على الواقع العمالي والنقابي فعلى سبيل المثال لو أن منظمة ما شرعت بتنفيذ برامجها لتمكين العمال في الأردن منذ عشر سنوات فلا بد أنها قامت بقراءة الواقع العمالي في الأردن ومدى حاجة العمال الى برامج تمكينية في ذلك الحين، واليوم وبعد مرور عشر سنوات وبعد تنفيذ مئات البرامج وانفاق مئات الآلاف من الدنانير يتوجب على هذه المنظمات تقييم هذه التجربة ومدى انعكاس كل هذه البرامج على الواقع النقابي، ولعل الجواب يأتي سريعاً ويتحدث الواقع النقابي عن نفسه اذا ما علمنا أننا لا زلنا في وضعية " مكانك سر " ، فلا يزال المتقاعدون يسيطرون على النقابات العمالية ولا يزال الشباب والمرأة خارج أسوار هذه النقابات الا كمدعويين لانجاح بعض النشاطات ولا تزال الانتخابات العمالية العادلة والشفافة والنزيهة غائبة ولا زلنا نسمع بالحوار الاجتماعي في البيانات النقابية ولا نراه على أرض الواقع.

ان الواقع البائس والمؤلم للنقابات العمالية اليوم ونحن على أعتاب الألفية الثانية وقمنا بتنفيذ مئات البرامج التمكينية للعمال وتم انفاق مئات الآلاف -ان لم تكن الملايين- على هذه البرامج لنحصل بالنهاية على نتيجة قريبة من خط الصفر فيما يتعلق بالتمكين الحقيقي للعمال.

 ان العمال اليوم لم يفقدوا ثقتهم بالنقابات العمالية والقائمين عليها فحسب؛ بل انهم قد فقدوا ثقتهم بالمنظمات الدولية التي ترعى هذه النقابات وتقيم علاقات الشراكة معها، كنا نظن أن هذه المنظمات لا تعلم عن الممارسات المنافية للمبادئ الأساسية لحقوق العمال والاقصاء الممنهج الذي يمارسه بعض القائمين على هذه النقابات تجاه العمال خاصة من فئتي الشباب والمرأة، ولكن اليوم وبعد وضع هذه المنظمات في صورة العديد من هذه التجاوزات بالتفصيل الممل والتأكد من معرفتها بجميع المخالفات التي يعاني منها العمال وتقف حاجزاً منيعاً أمام تمكينهم؛ فإنه يحق لنا وضع علامات الاستفهام حول استمرار هذه المنظمات على نفس الوتيرة وكأن المطلوب هو تنفيذ الخطط التي تم وضعها وانفاق الأموال التي تم رصدها وان آخر ما يفكر به القائمين على هذه المنظمات هو قطف العمال لثمار هذه البرامج وانعكاسها على واقعهم من خلال التمكين الحقيقي لهم.

بعد كل هذه السنوات وكل هذه البرامج يبدو أن المعادلة قد انقلبت فبدلاً من نجاح هذه المنظمات من تغيير الواقع المؤلم للعمال وتمكينهم؛ يبدو أنه قد تم ترويضها بنجاح لتكون أداة من أدوات التآمر على العمال لتنحرف الغاية من هذه البرامج الى تمكين القائمين على النقابات وليس تمكين العمال أنفسهم، فمزيداً من تنفيذ هذه البرامج بالشراكة مع قيادات النقابات العمالية الحالية هذا يعني - بالضرورة- مزيداً من ترسيخ وجود هؤلاء ومزيداً من الاقصاء للعمال وحرمانهم من حقوقهم في حرية التنظيم النقابي، لتتحول الأموال المرصودة لتمكين العمال الى أموال يستخدمها بعض القيادات لشراء الذمم وترسيخ وجودهم.

المنظمات الدولية المعنية بتمكين العمال مطالبة اليوم بعدم تقبل الابتزاز الذي قد تمارسه بعض القيادات النقابية ليسهل لها مهمتها في تنفيذ برامجها مقابل قبولها بتجاوزات هذه القيادات المنافية لكافة المبادئ والأعراف، ومطلوب منها ابتكار أدوات تقييمية استثنائية لا يتم التنازل عنها اطلاقاً للتأكد من تطبيق القيادات النقابية لأساسيات العمل النقابي كحرية التنظيم النقابي والحوار الاجتماعي الذي يتم التدريب العمال عليها نظرياً دون أن تتاح لهم الفرصة من الممارسة العملية لها في نقاباتهم.


إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020