22/12/2025
العمل النقابي ليس وظيفة بل رسالة وليس إمتيازا بل مسؤولية تطوعية ورافعة حقيقية للتغيير الاجتماعي.
في كثير من دول العالم ينظر إلى العمل النقابي بإعتباره من أقوى وأرقى مجالات الحياة العامة لأنه يمس جوهر العدالة الاجتماعية ويقف في الصف الأول للدفاع عن كرامة الإنسان العامل هناك أدركوا مبكرا أن النقابة ليست مجرد إطار تنظيمي بل قوة إقتراح وسلطة ضغط وضمير حي يوازن بين رأس المال والعمل ويمنع تغول طرف على آخر.
الطبقة العاملة لا تطلب المستحيل بل تطالب بحقوق مشروعة كفلها القانون والمواثيق الدولية عيش كريم أجر عادل ظروف عمل لائقة حماية إجتماعية وإحترام للكرامة الإنسانية وهذه الحقوق رغم وضوحها لا تتحقق تلقائيا بل تحتاج إلى من يحملها يدافع عنها ويترافع باسم أصحابها دون خوف أو مصلحة.
وهنا يبرز الدور المحوري للنقابات العمالية الجادة التي لا تساوم على حقوق العمال ولا تفرط في مكتسباتهم وتسهر على الدفاع عنهم ماديا ومعنويا ومن أبرز أدوارها
- توفير الحماية القانونية للعمال
- الإرشاد والتوجيه في النزاعات المهنية
- الترافع في حالات الظلم والتعسف
- مرافقة العمال داخل المنشآت وخارجها
- المساهمة في ترسيخ ثقافة الحقوق والواجبات
وعندما نذكر بأن أطراف الإنتاج ثلاثة الدولة وأصحاب العمل والنقابات ندرك أن أي إختلال في أحد هذه الأركان ينعكس سلبا على عالم الشغل برمته فالنقابة ليست طرفا ثانويا بل ركيزة أساسية للتوازن والاستقرار الإجتماعي.
ورغم هذه الأهمية البالغة يظل العزوف عن العمل النقابي في موريتانيا لافتا ومقلقا لا تقليلا من جهود المناضلين الشرفاء الموجودين ولا تشكيكا في إخلاصهم بل لأن هذا المجال يحتاج إلى طاقات جديدة ودماء شابة وكفاءات واعية تدرك حجم التحديات ومسؤولية المرحلة نعم هناك إكراهات ونعم هناك صعوبات وضغوط ونعم قد تكون لدى البعض أسبابهم الخاصة لعدم الولوج إلى هذا المجال وهي أسباب محترمة.
لكن في المقابل ترك الساحة فارغة ليس حلا والحياد في قضايا العدالة الإجتماعية موقف في حد ذاته فالعمل النقابي مدرسة في النضال ومختبر للقيادة ومساحة لبناء الوعي الجماعي هو طريق شاق لكنه طريق مشرف نتائجه لا تقاس بالمكاسب الشخصية بل بما يتحقق للعمال وللمجتمع ككل.
إننا اليوم في حاجة ماسة إلى إعادة الإعتبار للعمل النقابي وإلى نشر ثقافته، وإلى تشجيع الولوج إليه عن قناعة لا عن مصلحة وعن إيمان لا عن ظرف لأن مستقبل عالم العمل وعدالة الأجور وإستقرار السلم الإجتماعي كلها رهينة بوجود نقابات قوية مستقلة ومسؤولة والعمل النقابي ليس ماضيا نتحسر عليه بل مستقبلا يجب أن نصنعه ومن يؤمن بالعدالة لا بد أن يجد له مكانا في صفوف المدافعين عنها.

Post a Comment