recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

قرار تصنيف المهن .. يضعف النقابات العمالية ويبعثر جهود النقابيين

قرار تصنيف المهن .. يضعف النقابات العمالية ويبعثر جهود النقابيين


حاتم قطيش -  "رنان"

24/7/2022

 يقف العمال والنشطاء النقابيون والحقوقيون اليوم مشدوهين وهم يتابعون آخر قرارات تصنيف المهن الذي أصدره وزير العمل حيث قرر الوزير تعديل التصنيف بضم عمال الزراعة إلى نقابة العاملين في الصناعات الغذائية!!!، وضم عمال المنازل إلى نقابة العاملين في الخدمات العامة!!!، وضم عمال الإسمنت إلى نقابة العاملين في المناجم والتعدين بدلاً من نقابة العاملين في البناء!!.

ويعتبر قرار تصنيف المهن نافذاً من تاريخه حتى وان تأخر نشره في الجريدة الرسمية، فالنشر هنا يأتي بهدف الإعلان وليس شرطاً للنفاذ.


 قرار تصنيف المهن واتفاقيات العمل الدولية 

لم تكتفي اتفاقية العمل الدولية رقم 87 بالتأكيد على حق العمال في تكوين منظمات يختارونها دون ترخيص مسبق و الحق في الانضمام اليها؛ بل عمدت في المادة رقم 3 منها الى امتناع السلطات العامة عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق أو يعوق ممارسته المشروعة.

ومن هنا نجد أن قرار تصنيف المهن من حيث المبدأ يعتبر تعدياً على حق العامل في التكوين النقابي كما أنه يعتبر تدخلاً من السلطات بشكل يقيد حق التنظيم النقابي ويعيق ممارسته.


 قرار تصنيف المهن والدستور الأردني


 تحدث  الدستور الأردني بصراحة ودون مواربة على الحق في التنظيم النقابي الحر؛ فهو لم يكتفي بعبارة الحق بالتنظيم النقابي بل أكد على حريته وتلك الزيادة لا تأتي من باب اللغو فالمشرع لا يلغو، وانما الزيادات في النصوص الدستورية تأتي للاشارة والتأكيد على ما تم زيادته، وعليه فإن انشاء تنظيم نقابي يفتقر للحرية انما هو تعارض صريح مع الدستور، وعليه فإن قرار تصنيف المهن من حيث المبدأ يعتبر تعدياً على حق حرية التنظيم الذي كفله الدستور الأردني الذي هو رأس الهرم في التشريعات الوطنية وفي حال تعارض أي مواد أية قانون مع مواد الدستور وجب تعديل هذه المواد بما يتوافق مع الدستور ولا يعارضه.


قرار تصنيف المهن وتعديلات قانون العمل


تحدثت المادة 98 من قانون العمل والمختصة بتأسيس النقابات العمالية عن ما يسمى تصنيف المهن؛ حيث منحت وزير العمل صلاحية تصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية التي يجوز فيها تأسيس نقابات بحيث لا يكون لأي صناعة أو نشاط اقتصادي أكثر من نقابة واحدة تمثلهم.

ومع التأكيد على رفض مبدأ تأسيس النقابات على أساس قرار تصنيف المهن؛ الا أن تعديلات قانون العمل في العام 2019 كانت قد سجلت تراجعاً اضافياً في حرية التنظيم النقابي فيما يتعلق بقرار التصنيف، حيث كان قانون العمل للعام 2010 يمنح حق تصنيف المهن للجنة الثلاثية في وزارة العمل والتي تتشكل من الحكومة وأصحاب العمل والعمال وبالتالي كان يمكن أن يكون للعمال رأي في التصنيف ، ولكن تعديلات قانون العمل للعام 2019 سلبت صلاحية قرار تصنيف المهن من اللجنة الثلاثية ومنحتها لوزير العمل مما يعد امعاناً في التعدي على حرية التنظيم النقابي.


قرار تصنيف المهن وعمال الزراعة


يحاول عمال الزراعة منذ سنوات طويلة تأسيس نقابة خاصة بهم الا انهم كانوا يقابلوا بالرفض كونهم لم يكونوا مشمولين في قانون العمل، وبعد صدور نظام عمال الزراعة في العام 2021 عاود العمال مرة أخرى التقدم بتأسيس نقابة خاصة بهم الا انها قوبلت بالرفض أيضاً؛ الأمر الذي دعاهم الى اللجوء للقضاء للطعن في قرار الرفض ولكن للأسف لم ينجحوا في ذلك أيضاً.



بحسب الأمين العام الأسبق لوزارة العمل مدير بيت العمال الاستاذ حمادة أبو نجمة فإن ضم عمال الزراعة الى نقابة الصناعات الغذائية غير مبرر اطلاقاً خاصة بعد صدور نظام عمال الزراعة، حيث يجب أن يكون العمال المنتسبين للنقابة العمالية ضمن نشاط اقتصادي واحد، وكون المشرع اعترف بوجود نشاط اقتصادي مختلف لعمال الزراعة باصداره لنظام خاص بهم فمن باب أولى أن تكون لهم نقابة خاصة بهم.

رئيس النقابة المستقلة للعاملين في الزراعة السيد مثقال زيناتي قابل قرار التصنيف القاضي بضم عمال الزراعة الى نقابة الصناعات الغذائية باستهجان شديد واصفاً القرار بقصر النظر لأنه لا يميز بين عمال الزراعة وعمال الصناعات الغذائية.

وقد دعا زيناتي عمال الزراعة الى التصدي لهذا القراركما ناشد كافة النقابات العمالية الأردنية والعربية والدولية التضامن والوقوف مع عمال الزراعة، كما تهيب بمنظمتي العمل العربية والدولية الانتصار والوقوف الي جانب عمال الزراعة.


قرار تصنيف المهن وعمال الأسمنت 

العاملين في شركات الإسمنت والذي كان قرار تصنيف المهن يصنفهم من ضمن النقابة العامة للعاملين في البناء، تفاجؤوا هم بدورهم بقرار التصنيف الجديد الذي اعتبرهم يتبعون للنقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين!!

وبعيداً عن كون العمال والنقابيين لم يطلبوا أو يطلعوا على مبررات تغيير التصنيف الا انهم تباينوا في ردات فعلهم على قرار التصنيف الجديد، فمنهم من رحب بالخطوة واعتبرها مخرجاً جديداً لحلحة الأزمة القائمة بين العمال وبعض شركات الإسمنت كشركة لافارج ، والبعض الآخر ربط القرار بقانون الإعسار واصفاً القرار أنه تصفية حساب مع العمال الذين اضربوا عن العمل أكثر من مائة يوم قبل عدة أشهر.


قرار تصنيف المهن واضعاف النقابات العمالية


بعيداً عن المسألة الحقوقية وانتهاك حرية التنظيم النقابي للعمال وسلبهم حقهم في تأسيس نقاباتهم بحرية أو حرية اختيار الانتساب للنقابات وبصرف النظر عن سلب العمال حقهم الذي كفله لهم الدستور الأردني من تكوين تنظيم نقابي حر .. بعيداً عن كل هذا - مع الأهمية البالغة - الا ان قرار تصنيف المهن يعتبر عقبة اضافية أمام النقابات العمالية تحول بينها وبين تحسين وتجويد العمل النقابي، وتبعثر جهود النقابيين وتشتتها فلن يتمكنوا من متابعة كافة التحديات العمالية في مهن ومجالات مختلفة ومتعددة .. بل ومتباعدة في تخصصاتها.

فعلى سبيل المثال فإن الهيئة الادارية لنقابة العاملين في الصناعات الغذائية التي تتابع حالياً قضايا وهموم ومطالب العمال في المجالات التالية :

أ- أعمال تهيئة وحفظ اللحوم والطيور والأسماك ويدخل في ذلك أعمال الذبح والتمليح والتصنيع.

ب- صناعة الألبان ومنتجاتها.

ج- تعبئة وحفظ الفواكه والخضراوات والبقول ومنتجاتها وتسويقها.

د- طحن الغلال والبقول وتهيئتها.

هـ - صناعة الخبز والمنتجات الأخرى المصنوعة من الدقيق.

و- صناعة السكر وتكريره ومنتجاته.

ز- صناعة الحلوى بكافة أنواعها ويدخل في ذلك الشيكولاته والكاكاو والبسكويت.

ح- صناعة المشروبات غير الكحولية ومن ضمنها المشروبات الغازية والمعدنية والثلج والمرطبات.

ط- صناعة المشروبات الكحولية ومن ضمنها التقطير والتصفية والمزج وعمل الخميرة وصناعة الكحول والخل وثاني أكسيد الكربون.

ي- صناعة الزيوت النباتية والأعلاف وكافة منتجات الزيوت النباتية المستعملة في التغذية.

ك- صناعة الدخان والسجائر ومشتقاتها.

ل- الهيئات والمؤسسات والشركات المشرفة على الصناعات والأعمال السابقة وبيعها.


أقول ان هذه الهيئة الادارية لنقابة العاملين في الصناعات الغذائية المطالبة ببحث ومتابعة كافة هذه المجالات قرر وزير العمل ببساطة أن يضم اليهم عمال الزراعة لتتابع هذه الهيئة الادارية كافة التحديات والانتهاكات المتعلقة بالأجور وظروف العمل والسلامة والصحة المهنية وشروط العمل اللائق والعمل الجبري وعمالة الأطفال الى غيرها من التحديات التي يعلمها عمال الزراعة وحدهم.

لك أن تتخيل حجم العبء الملقى على كاهل هذه الهيئة الادارية والتي ستكون نتيجتها حتماً عدم مقدرة واختصاص هذه الهيئة على مساندة هؤلاء العمال بالقدر الكافي، ليكون بذلك قرار تصنيف المهن يضعف أداء النقابات العمالية -بل يقتلها- ويصيب العمال بالإحباط واليأس من جدوى الانتساب للنقابات العمالية ابتداءاً ويزعزع ثقتهم في مقدرة هذه النقابات على متابعة و حل قضاياهم فيحجموا عنها وينفروا منها.



اقرأ أيضاً:


نقابة عمال الزراعة ..أما آن الأوان أن ترى النور


كل ما تود معرفته عن نظام عمال الزراعة في الأردن


لماذا تعد إعادة بناء العقد الاجتماعي في الأردن أمرًا بالغ الأهمية لحقوق العمال في قطاع الزراعة

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020