حاتم قطيش - رنان
4/2/2025
أنهت لجنة العمل النيابية مناقشتها لمسودة المشروع المعدل لقانون العمل واتخذت قرارها بالموافقة على بعض المواد ورفض البعض الآخر، ليعود مشروع القانون للمناقشة والتصويت عليه تحت القبة ثم يكمل رحلته الى مجلس الأعيان ثم الارادة الملكية والنشر في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ.
الحكومة تسحب المادة 25 من مسودة مشروع القانون المعدل لقانون العمل
يبدو أن الحكومة قد انتبهت الى خطورة التعديل المقترح على المادة (25) من قانون العمل والتي تختص بالفصل التعسفي بحيث يلغى دور المحكمة في النظر في حالات الفصل التعسفي وامكانية تعويض العامل أو اعادته الى عمله في حال ثبت أن القرار التعسفي في حقه غير محق؛ وجعلت اختصاص تحديد حالات الفصل والتعويض للعامل بموجب نظام يصدر لهذه الغاية!!؛ الأمر الذي يعتبر فتح للباب على مصراعيه أمام أصحاب العمل لفصل العمال تعسفياً دون الخشية من دفع مستحقات مجزية أو اعادة العمال الى عملهم في حال ثبوت أن صاحب العمل غير محق في قراره.
ان تراجع الحكومة عن هذا التعديل وسحبه من المسودة نهائياً يعتبر خطوة ايجابية واستماع لصوت العقل والعدل ويحول دون الإفراط في تغول أصحاب العمل على العمال.
لجنة العمل النيابية تنحاز للعمال والنقابيين بقرارات ايجابية
بالنظر الى القرارات التي اتخدتها لجنة العمل النيابية بخصوص مواد مشروع القانون نجد أنها ايجابية وتقطع الطريق على مزيد من تغول أصحاب العمل على العمال وتعزز من الحماية الاجتماعية للمرأة العاملة، كيف ذلك .. سأخبرك.
- عززت لجنة العمل النيابية من الحماية الاجتماعية للمرأة العاملة من خلال قرارها الموافقة على التعديل الوارد على المادة (27) والذي يحمي المرأة العاملة من انهاء الخدمات أو توجيه اشعار انهاء الخدمات أثناء فترة الحمل بعدما كانت تقتصر على حمايتها اعتباراً من الشهر السادس للحمل، ولعل من شأن هذا التعديل كبح جماح بعض أصحاب العمل ويعزز من الأمان الوظيفي للمرأة العاملة ويعزز من الحماية الاجتماعية لها.
- عدلت لجنة العمل على صياغة التعديل المقترح على المادة (28) حيث زادت من شروط الفصل دون اشعار بسبب تغيب العامل ليكون عشرة أيام متصلة أو اربعة عشر يوماً متقطعة، حيث كان المقترح أن يكون فقط عشرة أيام سواء متصلة أو متقطعة.
- أحسنت اللجنة إذ رفضت التعديل المقترح على المادة (31) والذي ينقل اختصاص النظر في توجه صاحب العمل الى انهاء عقود العمل غير محددة المدة من الوزير واللجنة الثلاثية والمحكمة، لتمنح صاحب العمل الحرية في انهاء عقود 15% من عدد العاملين لديه لمرة واحدة في السنة ولا يترتب عليه سوى ابلاغ الوزارة بذلك!! .. أقول ان هذا التعديل المقترح يعد من أخطر التعديلات المقترحة والتي تمهد الطريق أمام انهاء عقود عمل بالجملة؛ ويعد قرار لجنة العمل النيابية عدم الموافقة على هذا التعديل جملة وتفصيلاً قراراً حكيماً ينحاز للعدالة ويحافظ على السلم المجتمعي ويعزز الحمايات الاجتماعية للعمال ويقف أمام زيادة هائلة في معدل البطالة.
- من الأمور الايجابية الواردة في مشروع القانون المعدل هو التعديل على المادة (66) باضافة فقرة خاصة لمنح العامل اجازة مدتها ثلاثة أيام مدفوعة الأجر في حال وفاة أحد أقاربه من الدرجة الأولى، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على النسيج المجتمعي ويعزز التكافل والترابط ويحافظ تماسك العائلة مما ينعكس ايجاباً على أداء العامل وانتاجيته.
- كما أحسنت اللجنة باقرار التعديل المقترح على المادة (70) والتي تزيد اجازة الأمومة من عشرة اسابيع الى تسعين يوماً؛ الأمر الذي يعزز من الحماية الاجتماعية للمرأة العاملة ويعزز أيضاً من الظروف الصحية لتنشئة الطفل في كنف أمه مدة أطول.
- لعل من أبرز القرارات الايجابية التي اتخذتها لجنة العمل النيابية؛ قرارها عدم الموافقة على التعديل الوارد على المادة (108) والمختصة بحماية النشطاء النقابيين الذين يمارسون النشاط النقابي من خطر الفصل من العمل والتي يعتبرها البعض بمثابة "حصانة" للنشطاء النقابيين من استهداف أصحاب العمل وملاحقتهم والتضييق عليهم في رزقهم، حيث يلغي التعديل المقترح أي دور للمحكمة في اصدار قرارات اعادة النشطاء النقابيين على عملهم والحكم لهم بأجورهم كاملة في حال تم استهدافهم من قبل أصحاب العمل، وبالتالي كان سيعود هذا التعديل في حال اقراره بأثر بالغ السلبية على النشطاء النقابيين والعمل النقابي العمالي برمته، وبقرار لجنة العمل عدم الموافقة على هذا التعديل؛ فإنها تبقي على حالة التوازن وتكبح جماح أصحاب العمل من التعدي على النشطاء النقابيين وتقويض العمل النقابي العمالي.
ارتياح مستحق .. ولكن المعركة لم تنتهي بعد
قرارات لجنة العمل النيابية تبعث على الارتياح وتعيد الأمور الى نصابها وتبقي على حالة التوازن - النسبية - وتبعث برسائل أن التوجه العام التي تعمل به هذه اللجنة هو توجه ايجابي وينحاز للطبقة العاملة ويهدف الى توسيع مظلة الحمايات الاجتماعية ويعي أهمية العمل النقابي العمالي ويحافظ على النسيج المجتمعي، بل وحق لنا أن نقول للمحسن أحسنت كما أننا نقول للمسيء أسأت، وعليه فإننا نثمن موقف لجنة العمل النيابية من مشروع القانون المعدل لقانون العمل، ولكن ..
ولكن وبالنظر الى أن المسار التشريعي لمشروع القانون المعدل لقانون العمل لم تنتهي عند لجنة العمل النيابية، وبالنظر الى ان قرارات لجنة العمل النيابية هي بمثابة توصيات لمجلس النواب ان أراد أخذ بها وان أراد تجاوزها ورجع الى النص الأصلي للتعديل، وبالنظر الى وجود عدد لا بأس به من النواب ينتمون الى طبقة أصحاب العمل وأن القرار النهائي لمجلس النواب يكون بالتصويت؛ فإنه يتوجب على النشطاء والحقوقيين والمدافعين عن الحقوق العمالية عدم الارتكان الى قرارات لجنة العمل النيابية - على أهميتها - ومواصلة النضال بهدف رد مشروع القانون برمته لافتقاره الى صفة الاستعجال والدفع باطلاق حوار اجتماعي حقيقي ينتج عنه مسودة توافقية لمشروع معدل لقانون العمل يعالج التشوهات العديدة التي تمت على القانون نتاج التعديلات الكثيرة والمنتقاة على مواده وانتاج قانون عصري تتوافق عليه أطراف الانتاج الثلاثة ( الحكومة وأصحاب العمل والعمال ).
إرسال تعليق