recent

أحدث القضايا العمالية

recent
جاري التحميل ...

نظام أساسي جديد للنقابات العمالية والاتحاد، غياب للحوار الاجتماعي وتراجع في حرية التنظيم النقابي

 

النظام الأساسي للاتحاد العام
النظام الأساسي للاتحاد العام والنظام الموحد للنقابات العمالية

الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

5/4/2021

في خطوة مفاجئة ومن غير سابق انذار نشر الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن على صفحته في الفيسبوك نسخة من النظام الأساسي للاتحاد والنظام الموحد للنقابات العمالية، الملفت هو عدم معرفة العمال وحتى النشطاء النقابيين ولا حتى أعضاء اللجان النقابية أن هناك حراكاً داخل الاتحاد والنقابات بهدف تعديل الأنظمة الداخلية؛ بل ان رؤساء نقابات وأعضاء مؤتمر عام التزموا الصمت  -منذ فترة قريبة- ازاء استفسارات العمال بهذا الخصوص !!

سأحاول تسليط الضوء على أهم هذه التعديلات التي وردت في النسخة الجديدة من هذه الأنظمة خاصة تلك التي أعتقد أنها تتعارض مع أساسيات العمل النقابي وحرية التنظيم النقابي، مع ضرورة الاشارة الى بعض التعديلات الايجابية كفصل ملف الاعلام عن ملف التثقيف والتدريب في المكتب التنفيذي مما يعطي اشارة الى توجه ايجابي لدى الاتحاد بايلاء ملف الاعلام اهتماماً أكبر، وأيضاً فصل ملف الشباب عن ملف المرأة وهذا من شأنه أن يوسع آفاق العمل، كما تم فصل ملف التنظيم عن ملف العلاقات الداخلية وهذا أيضاً مؤشر ايجابي.
من ناحية أخرى تم استحداث ملفين مهمين للغاية وهما ملف التأمينات الاجتماعية وملف الصحة والسلامة المهنية ، متمنياً أن تكون هذه التقسيمات الجديدة للملفات داخل المكتب التنفيذي تعكس ارادة حقيقية لدى قيادة الاتحاد نحو ايلاء هذه القضايا اهتماماً أكبر ولا تأتي تكريساً للمحاصصة والترضية لجميع أعضاء المكتب التنفيذي، خاصة أن العديد من الملفات التي تم استحداثها أو فصلها لم يتحدث النظام عن وصفها ومهمتها.

غياب الحوار الاجتماعي 

لطالما شكل مطلب الحوار الاجتماعي مطلباً أساسياً للنقابات العمالية ولطالما أبدى النقابيون وممثلو العمال انزعاجهم واستنكارهم لحالة الاقصاء التي تمارسها الحكومة معهم عند مناقشة أو اقتراح تشريعات جديدة أو حتى تعديل على التشريعات القائمة، حيث يشكل مطلب الحوار الاجتماعي الحقيقي والمؤسسي مطلباً استراتيجياً للنقابات العمالية في العالم أجمع؛ إذ لا يعقل أن تقوم الحكومة مثلاً بتعديل التشريعات التي تخص العمال دون استشارة ممثلي العمال المنتخبين.
بالمقابل فإن من غير المعقول أن تطالب النقابات العمالية بالحوار الاجتماعي وتصدر البيانات المستنكرة لحالة الاقصاء التي يعانون منها وفي ذات الوقت تعطل هذه النقابات الحوار الاجتماعي داخل صفوفها وتهمل آراء الأغلبية الساحقة من العمال وتكتفي بتداول ومناقشة الأنظمة الداخلية في أضيق نطاق وفي سرية تامة!!
قد يقول قائل ان ما مارسه الاتحاد عند تعديل الأنظمة الداخلية انما ينسجم مع النظام الأساسي الذي حصر صلاحية هذا الأمر بأعضاء المؤتمر العام، ونقول نعم ان النظام الأساسي -الذي وضعه نفس الأشخاص- يضيق الدائرة وصلاحية التعديل بأعضاء المؤتمر العام ولكن هذا لا يمنع أن يتم ممارسة حوار اجتماعي حقيقي في صفوف العمال وممثليهم والاستماع لاقتراحاتهم والأخذ بها.
الحكومة وهي المتهمة دائماً أنها لا تولي الحوار الاجتماعي أهمية قصوى، تقوم باعلان مسودة التشريعات التي تنوي تعديلها أو اصدارها وتستقبل الملاحظات عليها من الجميع، ولكن على ما يبدو أن الحكومة المتهمة بالبيروقراطية واهمال الحوار الاجتماعي تسبق بأشواط كثيرة ما تمارسه النقابات العمالية!!!

تعديلات شكلية لا تنسجم مع قانون العمل

العديد من التعديلات التي وردت في النسخة الجديدة من النظام الأساسي للاتحاد والنظام الموحد للنقابات العمالية تعتبر تعديلات شكلية كالتعديل على صياغة بعض المواد وتقديم بعض الفقرات على أخرى وشطب بعض المواد والفقرات منعاً للتكرار واحكاماً للصياغة.

ان التشريعات الوطنية ابتداءاً من الدستور مروراً بقانون العمل فالأنظمة والتعليمات والقرارات يجب أن تكون بينها حالة من الانسجام ولا تتعارض مع بعضها البعض، ففي الوقت الذي انتبه المشرع الأردني الى فتح المجال للشباب لأخذ دورهم وفرصتهم في تنمية نقاباتهم ووطنهم حيث اشترط قانون العمل الأردني في المادة رقم 98 على من يرغب بتأسيس نقابة عمالية أن لا يقل عمره عن 18 عاماً ، الا ان تعديلات النظام الموحد للنقابات اشترط فيمن يحق له الترشح لعضوية الهيئة الادارية للنقابة العامة أن لا يقل عمره عن 23 عاماً ، صحيح أن التعديل قلل العمر من 25 الى 23  من خلال تعديل المادة رقم (45) من النظام الموحد ولكن هذا التعديل لا يكفي ولا ينسجم مع قانون العمل؛ فكيف يحق لمن أتم 18 عاماً أن يؤسس نقابة عمالية ثم لا يحق له الترشح لعضوية الهيئة الادارية لهذه النقابة التي أسسها؟؟!!


اضعاف للنقابات وتحجيم التمثيل النقابي

ان التعديلات الجديدة من شأنها اضعاف النقابات العمالية وتحجيم تمثيلها للعمال وذلك من خلال اقصاء شريحة كبيرة من العمال وحرمانهم من حقهم في الترشح لعضوية الهيئات الادارية للنقابات ، حيث تم اضافة فقرة رقم 7  للمادة (45) من النظام الموحد والتي تتحدث عن شروط الترشح لعضوية الهيئة الادارية للنقابة والتي تنص على :" أن لا يكون منتسباً لأي نقابة عمالية أو مهنية أخرى".
ان هذه الاضافة من شأنها حرمان عدد كبير من النشطاء والقادة النقابيين من المهندسين ومن ينتسبون للنقابات المهنية، في خطوة تعتبر افراغاً للنقابات العمالية من خبرات نقابية واعية وراشدة ولها بصمات في الحركة النقابية، بالاضافة الى ترسيخ قناعة لدى العديد ممن ينتسبون للنقابات المهنية بعدم جدوى الانتساب ابتداءاً للنقابات العمالية، وأعتقد أننا سنشهد انسحابات كثيرة من النقابات العمالية مما يعني اضعافاً لهذه النقابات وتحجيم قدرتها على التمثيل الحقيقي للعمال.

تحجيم دور اللجان النقابية وافراغها من قوتها

تم شطب الفقرات 9 +10+11 من المادة (1) من النظام الموحد والتي تتحدث عن اللجان النقابية والنقابات ذات اللجان، وتوسيع تعريف الهيئة العامة للنقابة لتشمل جميع الأعضاء المنتسبين للنقابة ، بمعنى أن للنقابة هيئة عامة واحدة تضم جميع المنتسبين للنقابة دون النظر الى ما يسمى الفروع النقابية أو اللجان النقابية في المنشآت أو القطاعات.
ومما يساهم في اضعاف دور اللجان النقابية ما جاء في التعديل على المادة (64) من النظام الموحد والتي اختصرت الموافقة على نظام اللجان النقابية بالهيئة الادارية وليس الهيئة العامة في تعارض صريح مع النظام نفسه الذي حدد اختصاص  كل من الهيئة الادارية والهيئة العامة؛ ففي المادة (52) من نفس النظام والتي تتحدث عن اختصاص الهيئة الادارية لا تجد أن من ضمنها ما يتعلق باقرار أي تشريع داخل النقابة.
ان التعديل على المادة (64) أضفى عليها صيغة غير منطقية، فكيف تتحدث المادة في مطلعها أن من حق الهيئة الادارية تشكيل اللجان النقابية على أن تضع لها نظاماً خاصاً ثم يشترط أن توافق نفس الهيئة الادارية على هذا النظام!!، فهل من المعقول أن تقوم الهيئة الادارية باقتراح نظام ثم تقوم هي ذاتها بعدم الموافقة عليه!!

توسيع صلاحيات الاتحاد وتراجع حرية التنظيم النقابي

على غرار ما حدث في تعديلات قانون العمل الأخيرة عام 2019 والتي وسعت من صلاحيات وزير العمل حيث نصت تعديلات قانون العمل بوجوب "مصادقة" وزارة العمل على الأنظمة الأساسية للنقابات مما يعد اضعافاً لحرية هذه النقابات؛ أيضاً جاء تعديل المادة (64) من النظام الموحد بتقييد الحرية النقابية للنقابات العمالية، حيث اشترطت المادة أن "يصادق" الاتحاد العام على النظام التي تضعه النقابة للجانها خلافاً لما كان معمولاً به في السابق بالاكتفاء بايداع هذا النظام في الاتحاد!!
وقد وسعت التعديلات الأخيرة على النظام الأساسي للاتحاد من صلاحيات رئيس الاتحاد ونائبه من خلال الاضافة التي تمت على المادة (22) من النظام الأساسي والتي تمنحهم كامل الصلاحيات خلال الفترة التي تجري فيها الانتخابات النقابية وحتى تاريخ انعقاد المؤتمر العام العادي!!
وأيضاً تم منح لجنة الاشراف على الانتخابات في الظروف القاهرة التي تحول دون اجراء عملية الاقتراع حق تأجيل الاقتراع لمدة تزيد عن عام أولحين زوال هذه الظروف، ولكنه لم يحدد ما هي الظروف القاهرة بل ابقى تحديدها "تقديرياً" للجنة الانتخابات!!!!
كما صادرت التعديلات حق العمال في اقرار أنظمتهم الأساسية؛ وذلك من خلال شطب الفقرة 6 من المادة (37) من النظام الموحد والتي تتحدث عن اختصاص الهيئة العامة في المصادقة على تعديل النظام الداخلي، فأصبح النظام الداخلي أو النظام الموحد يوضع ويعدل في المؤتمر العام وليس للهيئات العامة للنقابات حق المصادقة عليه واقراره!!!

تقييد دور الشباب 

كنتيجة حتمية لغياب الحوار الاجتماعي وعدم أخذ رأي الشباب في تعديلات الأنظمة الداخلية فإن الأنظمة لا تزال قاصرة عن منح الشباب دورهم المستحق في تفعيل النقابات وتطوير عملها وقيادتها، فمن ناحية تمنع من هم دون سن 23 من الترشح لعضوية الهيئات الادارية ومن ناحية أخرى تقصي شريحة كبيرة وواسعة من الشباب المتميز المنتسب للنقابات المهنية من أخذ فرصته في قيادة النقابة العمالية ناهيك عن الاصرار على الابقاء على المواد التي تقيد الترشح لرئاسة الاتحاد والابقاء على امكانية البقاء في قيادة الاتحاد مدى الحياة دون اشتراط عدد دورات محددة تساهم في تداول القيادة وتفتح المجال للدماء الجديدة لأخذ دورها وتحمل مسؤولياتها.

الأنظمة الداخلية والعقد الاجتماعي

ان الأنظمة الداخلية للنقابات تنعكس أحكامها بشكل مباشر على العمال وبالتالي فإن قوة وعدالة ومتانة هذه الأنظمة ستنعكس بشكل مباشر على النسيج العمالي وقوة هذه النقابات.
ان الحوكمة الرشيدة تنبني بشكل مباشر على الثقة القائمة بين العمال وقيادة النقابات العمالية ووجود أنظمة غير عادلة ولم تراعي احتياجات العمال ولا تمنحهم دور في ابداء رأيهم في أنظمتهم بل وتصادر حقهم في المصادقة عليها وتضعف من قوة اللجان النقابية التي هي عصب النقابات العمالية والمحرك الأساس وجنود الصف الأول في النضال النقابي من شأنه أن يعمل على تهالك العقد الاجتماعي وانكفاء العمال عن العمل النقابي واختيارهم العمل والاضراب والاحتجاج خارج نطاق النقابات مما يعني انعكاسات سلبية على السلم المجتمعي وتهالكاً صارخاً في العقد الاجتماعي.
لقد اختار الاتحاد ثلاث كلمات وضعها على غلاف النظام الأساسي وهي ( حماية، عدالة، عمل لائق) ، فهل يعتقد قادة النقابات العمالية أن التعديلات التي تم اقرارها تساهم في تمكين النقابات العمالية "لحماية" العمال وتكرس "للعدالة" الاجتماعية وتساعد العمال وممثليهم في نضالهم  لتحقيق شروط " العمل اللائق "!!

تعرف على تعديلات النظام الأساسي للاتحاد العام والنظام الموحد للنقابات العمالية 2020 من خلال الدخول على هذا الرابط : هنا


اقرأ أيضاً:


إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020